السجود الأول
فيسجد على أعضائه السبعة جبهته وأنفه هذا عضو وكفيه وعلى ركبتيه وعلى أصابع رجليه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين)) رواه البخاري في ( الأذان ) برقم ( 770 ) ، ومسلم في ( الصلاة ) برقم ( 758 ).
هذا هو المشروع وهو الواجب على الرجال والنساء جميعا أن يسجدوا على هذه الأعضاء السبعة الجبهة والأنف هذا عضو واليدين
ويمد أطراف أصابعه إلى القبلة ضاما بعضهما إلى بعض
والركبتين وأطراف القدمين يعني على أصابع القدمين باسطا الأصابع على الأرض معتمدا عليها وأطرافها إلى القبلة هكذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم .
والأفضل أن يقدم ركبتيه قبل يديه عند انحطاطه للسجود هذا هو الأفضل ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقدم يديه ولكن الأرجح أن يقدم ركبتيه ثم يديه لأن هذا ثبت من حديث وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه)) رواه الإمام أحمد في ( باقي مسند المكثرين من الصحابة ) برقم ( 8598 ) ، وأبو داود في ( الصلاة ) برقم ( 714 ) .
فأشكل هذا على كثير من أهل العلم فقال بعضهم يضع يديه قبل ركبتيه وقال آخرون بل يضع ركبتيه قبل يديه ، وهذا هو الذي يخالف بروك البعير لأن بروك البعير يبدأ بيديه فإذا برك المؤمن على ركبتيه فقد خالف البعير وهذا هو الموافق لحديث وائل بن حجر وهذا هو الصواب أن يسجد على ركبتيه أولا ثم يضع يديه على الأرض ثم يضع جبهته أيضا على الأرض هذا هو المشروع فإذا رفع رفع وجهه أولا ثم يديه ثم ينهض هذا هو المشروع الذي جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الجمع بين الحديثين ،
وأما قوله في حديث أبي هريرة : ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) فالظاهر والله أعلم أنه انقلاب كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله إنما الصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه حتى يوافق آخر الحديث أوله وحتى يتفق مع حديث وائل بن حجر وما جاء في معناه ،
وفي هذا السجود يقول سبحان ربي الأعلى ويكررها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك ، ولكن إذا كان إماما فإنه يراعي المأمومين حتى لا يشق عليهم أما المنفرد فلا يضره لو أطال بعض الشيء وكذلك المأموم تابع لإمامه يسبح ويدعو ربه في السجود حتى يرفع إمامه ، والسنة للإمام والمأموم والمنفرد الدعاء في السجود ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)) رواه مسلم في الصلاة برقم ( 738 ) ، وأبو داود في ( الصلاة ) برقم ( 742 ) .
أي حري أن يستجاب لكم ، وجاء في الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا))رواه مسلم في ( الصلاة ) برقم ( 738 ). فالقرآن لا يقرأ لا في الركوع ولا في السجود ، إنما القراءة في حال القيام في حق من قدر ، وفي حال القعود في حق من عجز عن القيام يقرأ وهو قاعد أما الركوع والسجود فليس فيهما قراءة وإنما فيهما تسبيح للرب وتعظيمه وفي السجود زيادة على ذلك وهو الدعاء فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده فيقول : ((اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره)) رواه مسلم في ( الصلاة ) برقم ( 745 ) ، وأبو داود في ( الصلاة ) برقم ( 744 ) .
فيدعو بهذا الدعاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو به كما رواه مسلم في صحيحه ، وثبت في صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم في ( الصلاة ) برقم ( 744 ) وأحمد في ( باقي مسند المكثرين ) برقم ( 9083 ).
وهذا يدلنا على شرعية كثرة الدعاء في السجود من الإمام والمأموم والمنفرد ويدعو كل منهم في سجوده مع التسبيح أي مع قوله : سبحان ربي الأعلى ومع قوله : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي؛ لما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها عند الشيخين البخاري ومسلم رحمة الله عليهما قالت : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)رواه البخاري في ( الأذان ) برقم ( 752 و 775 ) وفي ( المغازي ) برقم ( 3955 ) ورواه مسلم في ( الصلاة) برقم ( 746 ).
ويشرع في السجود مع العناية بالدعاء بالمهمات في أمر الدنيا والآخرة ولا حرج أن يدعو لدنياه كأن يقول : اللهم ارزقني زوجة صالحة أو تقول المرأة اللهم ارزقني زوجا صالحا أو ذرية طيبة أو مالا حلالا أو ما أشبه ذلك من حاجات الدنيا ويدعو بما يتعلق بالآخرة وهو الأكثر والأهم كأن يقول : اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره اللهم أصلح قلبي وعملي وارزقني الفقه في دينك اللهم إني أسألك الهدى والسداد ، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار ، وما أشبه هذا الدعاء ، ويكثر في سجوده من الدعاء ولكن بغير إطالة تشق على المأمومين فيراعيهم إذا كان إماما ويقول مع ذلك في سجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ، كما تقدم مرتين أو ثلاثا كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام .
الجلوس بين السجدتين
ثم يرفع من السجدة قائلا الله أكبر ويجلس مفترشا يسراه ناصبا يمناه ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى أو على الركبة باسط الأصابع على ركبته ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى أو على ركبته اليسرى ويبسط أصابعه عليها هكذا السنة
ويقول رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوله ، ويستحب أن يقول مع هذا : اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني ، لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، وإذا قال زيادة فلا بأس كأن يقول اللهم اغفر لي ولوالدي اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار اللهم أصلح قلبي وعملي ونحو ذلك ، ولكن يكثر من الدعاء بالمغفرة فيما بين السجدتين كما ورد عن النبي .
والله يرزقنا توبة نصوحة قبل الموت آميـــــــــــــــــــــن
محدن يســـرك غير رب الخلايق