قال أبو محمد المهلبي : أخبرني بعض من يعاشر الراسبي الأمير, قال : كنت آكل معه يوماً وعلي المائدة خلق عظيم , فيهم رجل من رؤساء الأكراد المجاورين لعمله ( وكان ممن يقطع الطريق ) فأستأمن الأمير, فأمنه الأمير واختصه , وطالت أيامه معه فكان في ذلك اليوم علي مائدته , إذ قدم (حجل) فألقي الراسبي منه واحدة إلي الكردي , كما يلاطف الرؤساء مؤاكليهم فأخذها الكردي وجعل يضحك فتعجب الراسبي من ذلك وقال: ما سبب ضحكك وما نري ما يوجبه؟
فقال : خبر كان لي ..
فقال الأمير: أخبرني به .
فقال : كنت أيام قطعي الطريق , وقد أجتزت في بعض المحجة الفلانية في الجبل الفلاني وأنا وحدي في طلب من أخذ متاعه وثيابه حتي استقبلني رجل وحده , فاعترضته وصحت به , فاستسلم إلي ووقف فأخذت ما كان معه وطالبته أن يتعري ففعل ومضي لينصرف فخفت أن يلقاه في الطريق من يستفزه علي طلبي , فأطلب وأنا وحدي , فقبضت عليه , وعلوته بالسيف لأقتله ..
قال : يا هذا أي شيء بين وبينك , قد أخذت ثيابي وعريتني ولا فائدة في قتلي !!
فكتفته ولم ألتفت إلي قوله , وأقبلت أقنعه للسيف ، فتلفت كأنه يطلب شيئا , فرأي حجلة قائمة علي الجبل فقال : يا حجله اشهدي لي عند الله تعالي أني أقتل مظلوما ! ويتابع قائلاً : فما زلت أضربه حتي قتلته , وسرت .. فما ذكرت هذا الحديث حتي رأيت الحجلة فذكرت حماقة ذلك الرجل فضحكت .
قال: فانقلبت عين الأمير حردا (غضبا) وقال لا جرم أن شهادة الحجلة عليك اليوم في الدنيا قبل الآخرة وما أمنتك إلا على ما كان منك من فساد السبيل , فأما الدماء فما أسقطها الله عنك بالأمان , وقد أجري الله علي لسانك الإقرار عندي !!
ويواصل الأمير كلامه : يا غلام .. اضرب عنقه !!
قال : فبادر الغلام إليه, وغيره بسيوفهم يخبطونه وضرب كل واحد قفاه , فكأن رأسه قثاء قطعت نصفين فتدحرج رأسه بين أيدينا ونحن علي المائدة .. وجرت جثته , ومضي الراسبي في الأكل .
وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ يقول (( إن الله ليملي للظالم , فإذا أخذه لم يفلته )) متفق عليه .
وقال صلي الله عليه وسلم (( اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )) متفق عليه.
وطرح يستحق المتابعة
شكراً لك
بانتظار الجديد القادم
دمت بكل خير