تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » إطفاء جذوة الغضب

إطفاء جذوة الغضب 2024.

إطفاء جذوة الغضب
للإسلام فضل السبق على سائر الطرق التربوية الحديثة وأنجحها فى علاج النفس البشرية ، وإطفاء جذوة الغضب التى تشتعل فيها . إنه يدعو إلى :
أولا : تغيير الموقف الذى عليه الإنسان ، والحال التى اشتعل الغضب معها فيغيرها ، ويريح أعصابه ويهيؤها للهدوء ، والسكينة وللحلم والطمأنينة ، فإذا كات قائما ًفليجلس فإذا لم يذهب عنه غضبه فعليه أن يضطجع . عن أبى ذر – رضى الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " وإذا كان هذا النوع من العلاج تغييرا للموقف ، وإعطاء الجسم والأعضاء قسطا من الهدوء والسكينة والطمأنينة ، فإن هناك نوعا آخر ترشد إليه السُنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام . عن أبى وائل القاص قال : دخلنا على عروج بن محمد السعدى فكلمه رجل فأغضبه ؛ فقام فتوضأ فقال : حدثنى أبى عن جدى عطية – رضى الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خُلق من نار ، وإنما تُطفأ النار يالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " .
وأما النوع الثالث من العلاج ؛ فذلك بالبُعْد عن الشيطان ، ومحاولة التخلص من هواجسه ونزغاته ، وبالتوجه إلى الله تعالى و الإستعاذة به من الشيطلن .
عن سليمان بن صرد – رضى الله عنه – قال : استبَّ رجلان عند النبى صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه ، وتنتفخ أوداجه فنظر إليه النبى صلى الله عليه وسلم فقال : " إنى لأعْلمُ كلمة لو قالها لذهب عنه هذا .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ."
فقال له الرجل : أمجنونا ًترانى ؟ رواه مسلم . والناس فى غضبهم يتفاوتون وليسوا سواء فى سرعة الغضب أو بطشه ، وإنما منهم من يكون سريع الغضب ، سريع الرجوع ، ومنهم من يكون بطيئا فى غضبه سريعا فى رجوعه وهكذا .. وخير الناس من كان بطئ فى الغضب سريع الفئ – الرجوع – ، وشر الناس من كان سريع الغضب بطئ الفئ . عن أبى هريرة – رضى الله عنه – أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم : أوصنى ، قال : "لاتغضب – فردد مرار ، وقال : لا تغضب – رواه البخارى" .
إن مجالس الغضب والإنفعال هى مراتع الشيطان ، وإن مجالس العفو والتسامح ، والحلم والسَّكينة ، هى مقاعد الخير كله ، ولقد وعى سَلفنا خطورة الغضب . وأدركوا آثار التسامح والصبر والحلم ، فكانوا أمثلة طيبة فى سلوك خيِّر كريم .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجههم بين كل آونة وأخرى بالأدب الرفيع ، والقيم المثلى .
عن ابن المسيب – رضى الله عنه – قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، ومعه أصحابه ، وقع رجل بأبى بكر – رضى الله عنه – ، فآذاه فصمت عنه أبوبكر ثم آذاه ثانية فصمت عنه أبوبكر ثم آذاه الثالثة فانتصر أبوبكر ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبوبكر – رضى الله عنه – أوْجَدْتَ علىَّ يارسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نزل ملك من السماء يُكذبه بما قال لك ، فلمَّا انتصرت ذهب الملك وقعد الشيطان " رواه أبو داود .
هكذا علاج النفس البشرية مما يقربها من الآفات والرذائل وهذبها إلى طريق الخير والرشاد والسؤدد – المجد والشرف – وإن ضعف النفس ، مبعثه الغضب ، إن الإنسان المسلم يجب أن يكون صورة حية للمثل النبيلة والقيم الفاضلة ، وأن يكون بمَنأى عن تلك الآفات والشرور التى تمزق أواصِر الأخوة وتقطع وشائج الود بين الناس .
وباتباع هذه التعاليم العالية يرتقى االأفراد والجماعات إلى مستوى الحياة الإنسانية الفاضلة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.