تلقى فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي – رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين – استفساراً من أحد القراء، يسأل فيه عن حكم الشرع الإسلامي فى حج الصغير، مفاداه: هل يصح الحج في سن الرابعة عشر؟ وإذا حج في هذه السن، ثم فعل منكرا بعد ذلك فهل تبطل حجته؟ ويطالب بحجة أخرى؟
وقد أجاب فضيلته على السائل بقوله:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
الحج في سن الرابعة عشرة – إذا لم يكن الشخص قد بلغ بالاحتلام- فهذه الحجة لا تغني عن حجة الإسلام المفروضة، فإن الحجة التي هي فرض، لا بد أن تتحقق بعد البلوغ، والبلوغ إما بالسن، وهو يكون في الخامسة عشرة… وإما بالاحتلام فإذا لم يكن كذلك، فلا بد من أن يحج مرة أخرى.
فإذا فعل منكرا بعد أداء فريضة الحج، فإن ذلك المنكر لا يبطل الحجة لأن فعل الحسنات لا يبطله ارتكاب السيئات، وإن كانت تنقص من ثمرتها وتقلل من ثوابها، ذلك، لأن الله عز وجل يحاسب الناس على كل صغيرة وكبيرة، من طاعة أو معصية، والميزان يوم القيامة هو الحكم، حيث توضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة، ويتبين أيهما أثقل، فيكون إما محسنا أو مسيئا، وعلى ذلك يترتب الثواب والعقاب، قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (الزلزلة:7-8)، وقال سبحانه: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء:47) .
والمطلوب من المسلم أن تكون حجته صادقة مبرورة، وأن يظهر أثرها في نفسه وسلوكه بعد الحج، فيتوب، وينيب إلى الله، ويعمل الصالحات ولا يعود إلى سيرته الأولى إن كان ممن ظلموا أنفسهم، وارتكبوا شيئا من الموبقات، بل يجعل صفحته بيضاء، وصلته بالله وثيقة، وتلك هي ثمرة الحج المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة.
فإذا كان صاحب السؤال قد حج قبل البلوغ والاحتلام، فعليه أن يحج مرة أخرى لأداء الفريضة، والله يتقبل منه إن شاء الله، وأدعو له بالتوفيق.