التي يحتاج إليها كلُّ منا. وتخبرنا اختصاصية التغذية ليز بستيك بكمية سمك القد التي يجب أن نتناولها.
لا شك في أنك لاحظت الكم الهائل من المعلومات في وسائل الإعلام عن فوائد زيت السمك الصحية وإبراز مزاياه وصورته كعلاج للأمراض من التهاب المفاصل ومشاكل القلب إلى الألزهايمر وقصور الانتباه وفرط الحركة.
أدرك العلماء منذ زمن بعيد أن نظاماً غذائياً غنياً بدهون أوميغا 3 يقلل من مخاطر الإصابة بمرض قلبي وعائي ويخفض معدلات الدهون الثلاثية التي تتكون في الدم وترتبط بأمراض القلب. في الفترة الأخيرة، أعلن الأطباء في مستشفى ناينويلز في مدينة داندي نتائج دراسة تبيّن أن أناساً يعانون من التهاب المفاصل الرثياني ويتناولون بانتظام زيت كبد القد تمكنوا من تقليل الأدوية التي يأخذونها.
كذلك نُشرت أخيراً دراسة إيطالية شاملة في مجلة لانسيت أظهرت أن زيت السمك، الذي أُعطي إلى أكثر من 4 آلاف مريض بعد إصابتهم بنوبة قلبية، ساعد في الحؤول دون تكرار هذه النوبة. نتيجة لذلك، عمدت هيئات الخدمات الصحية الإيطالية إلى إعطاء كابسولات زيت السمك إلى الأشخاص الذين أصيبوا بنوبة قلبية. وأعلن المعهد الوطني للصحة والتفوق السريري العام الماضي أن على الأطباء أن يصفوا كبسولة واحدة يومياً تحتوي على مليغرام من زيت السمك لكل مريض أُصيب بنوبة قلبية.
ميّزاته
عنصره السحري الأوميغا 3، وهو اسم أُطلق على طائفة من الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة التي يحتاج إليها الجسم لكنه لا يفرزها. كان الأطباء الدنماركيون أول مَن اكتشف منافعه الصحية في سبعينات القرن العشرين، بعدما حيَّرهم تدني نسبة الإصابات بأمراض القلب عند شعب الإنويت في غرينلاندا على الرغم من أن نظامه الغذائي غني جداً بالدهون. أظهرت هذه الدراسات أن غذاء الإنويت من لحم الحوت وشحم الفقمة والسلمون يؤدي، على ما يبدو، إلى انخفاض نسبة الأمراض القلبية الوعائية وغيرها من الأمراض الإلتهابية مثل الربو والتهاب المفاصل الرثياني وداء السكري والصدفية.
حلول
يحوّل الجسم أحماض أوميغا 3 الدهنية إلى مواد طبيعية مضادة للالتهابات تُعرف بإسم برستغلندين وليكوترين، وتبين أن الأنظمة الغذائية الغنية بالأوميغا 3 تحسن حالة المرضى المصابين بأمراض التهابية، مثل التهاب المفاصل وتخفض الكوليسترول وضغط الدم. لذلك تنصحنا الحكومة بتناول ما لا يقل عن حصتين من السمك أسبوعياً، إحداهما من النوع الدهني مثل السردين والرنكة والماكوريل. كذلك يُعتبر سمك السلمون، البلشار، التونة الطازجة، الأنشوفة، سمك السيف، الشبوط، والإسبرط مصادر غنية بالأوميغا 3.
لكن النظام الغذائي الغربي لا يتضمن كميات كبيرة من زيت السمك، لذلك لا يحتوي دمنا على ما يكفي من أحماض أوميغا 3 الدهنية. في المقابل، يقول الإختصاصيون في مجال الدهون إن نظامنا الغذائي يحتوي على الكثير من طائفة الأحماض الدهنية الضرورية الأخرى، الأوميغا 6، التي تتعارض مع الأوميغا 3 وغالباً ما تعزز الالتهاب. في الحالة المثلى، يجب أن يبلغ معدل الأوميغا 6 والأوميغا 3 في دم الإنسان 2 مقابل 1، أي أن كمية الأوميغا 6 يجب أن تكون ضعف كمية الأوميغا 3.
عن هذه المسألة يقول البروفسور كيث كوبلاند، مدير وحدة التغذية الدهنية في جامعة هال: «تكشف الإحصاءات الحالية أن المعدل في هذا البلد يبلغ 25 مقابل 1، وقد يصل في الولايات المتحدة إلى 50 مقابل 1. ويساهم هذا الفائض الكبير في الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسرطان والربو والتهاب المفاصل والكآبة».
ولكن لا يتوافر حالياً فحص عام لمعدلات الأوميغا 3 في الدم وما من كمية محددة يوصى بتناولها يومياً من الأوميغا 3. لذلك كيف يمكننا أن نعرف أن جسمنا ينقصه هذا النوع من الأحماض الدهنية الضرورية؟
في منتدى عُقد أخيراً حول الأحماض الدهنية والدهون، طالب خبير في الدهون في جامعة هارفرد بإجراء فحص دم يحدد معدلات الأوميغا 3 بدقة كي يتمكن الأطباء من اكتشاف الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بنوبة قلبية. ويعتقد كوبلاند أنه في حال توافر هذا الفحص في عيادات الأطباء، يشجع الناس على الاعتناء بصحتهم بشكل أفضل.
يبدو أن أحد الاطباء في غلاسكو يحرز تقدماً كبيراً في هذا المجال. يجري الدكتور توم غيلهولي، الذي يدير عيادة «إسينشل هيلث» أيضاً، فحوصاً لمعرفة حالة دم المريض الغذائية. ومن ثم يسدي النصائح بشأن التغييرات والمكملات الغذائية. يوضح غيلهولي: «إن مساعدة المريض على رفع معدل الأوميغا 3 في دمه تساهم في معالجة حالات مختلفة، مثل التصلب المتعدد والكآبة وتعاطي المخدرات ومرض كروهن».
يعمل غيلهولي مع الدكتور غوردن بيل، عالم كيمياء حيوية في جامعة ستيرلينغ ويسعيان معاً إلى تزويد المرضى بفحص دم جديد يحدد بدقة معدلات الأوميغا 3 في الدم. عن هذا الفحص يقول غيلهولي: «يُقاس معدل الأوميغا 3 في الدم حالياً من خلال بلازما الدم ولا تعد هذه طريقة دقيقة لأنها تتأثر بما يتناوله المريض قبل الفحص. تعتمد الطريقة الأدق على فحص غشاء كريات الدم الحمراء وهذا ما يفعله فحصنا بالتحديد. وبفضل التعاون مع جامعة ستيرلينغ، أصبح بإمكاننا استخدام تقنية معقدة لتحليل الأحماض الدهنية في كريات الدم الحمراء. لذلك لم تعد هنالك حاجة أن يصوم المريض قبل إجراء الفحص».
نتائج
تتطلب نتائج الفحص خمسة أيام، ويكلف 99 جنيهاً استرلينياً. لذلك يُعتبر باهظ الثمن. وعن هذه المسألة يقول بيل: «يمكننا الإسراع في إجراء الفحص، قد يؤدي ذلك إلى خسارة بعض الأحماض الدهنية، فلا يعود الفحص دقيقاً. نعمل الآن على ابتكار طرق تتيح لنا تسريع الفحص والتقليل من كلفته». فُتحت العيادة العام الماضي وأرسلت ما يزيد على 100 عينة للفحص. ويذكر غيلهولي: «من خلال فحص الدم لمعرفة مدى الخلل في أجسام مرضانا، يمكننا تحديد كمية الأوميغا 3 بدقة التي يجب أن يتناولوها لينعموا بصحة ممتازة. تتراوح المعدلات التي ألاحظها خلال معاينتي المرضى بين 15 مقابل 1 و40 مقابل 1».
أردت بفارغ الصبر أن أجرِّب هذا الفحص، فقصدت عيادة طبيبي الذي رحَّب بي وقبل أن يرسل عينة من دمي إلى عيادة بيل. عندما حصلنا على النتائج، إعتقدت أن حالتي ممتازة. بلغ معدلي 7 مقابل 1، أي أن الأوميغا 6 في دمي أكثر بسبع مرات من الأوميغا 3 وشعرت بالفخر لأن معدل المملكة المتحدة هو 15 مقابل 1.
إلا أن غيلهولي سارع إلى إفساد فرحتي. فحتى معدلي ليس جيداً، على ما يبدو، وعلينا أن نبلغ المعدل الياباني الذي يوازي 3 مقابل 1. لذلك نصحني بأن أتناول حصة من السمك الدهني أو مكملاً غذائياً كل يوم بغية إعادة التوازن إلى دمي.
تغذية
يُعتبر النظام الغذائي الطريقة الفضلى للحصول على كميات الأوميغا 3 الضرورية، من خلال تناول الأسماك الدهنية ويمكنك أن تقلل من استهلاك الأطعمة المقلية ورقاقات البطاطا والمثلجات والسمن والأطعمة الجاهزة التي غالباً ما تعَدّ بزيوت غنية بالأوميغا 6. أما إذا أردت تناول مكملات غذائية تحتوي على زيت السمك، فتتراوح الجرعة الطبيعية بين 500 و1500 مليغرام في اليوم وفق النظام الغذائي لكل فرد.
وعن نقص الأوميغا 3 يقول غيلهولي: «ما إن تحدَّد كمية النقص حتى يصبح من السهل التخلص منه. أجرينا دراسة أولية استغرقت ثلاثة اشهر وشملت مجموعة من رجال الأعمال. قسنا معدلاتهم قبل تناول مكملات غذائية من الأوميغا 3 وبعدها. وفي النهاية، تبين لنا أن الجميع باستثناء واحد تمكنوا من بلوغ معدلات قريبة من المعدل المثالي. وهذا بالتأكيد تقدم مذهل خلال فترة قصيرة».
يرغب غيلهولي في أن يصبح هذا الفحص متوافراً على نطاق واسع لأنه برأيه ضروري جداً. يضيف: «يعني التعاون مع الجامعة أن بإمكاننا إجراء مشاريع بحث إضافية. يرتكز أحدها على درس تأثير الأوميغا 3 في السيتوكين، وهي جزيئات تنقل الإشارات وتُعتبر مهمة جداً في حالات الالتهاب ونأمل أن نبدأ بهذا المشروع في وقت لاحق من هذه السنة».
منقوووووول