السماع لا يغني عن الشهود الحقيقي، والبيان لا يغني عن العيان
هب أن رجلاً لم يذق في عمره العسل ولم يره في يوم من الأيام وأردنا أننعرِّفه به فذكرنا له أن العسل لزج، وأنه حلو لذيذ وأنه ذو لون أشقر وأنهوأنه.. وبعد وصف طويل هل تظن أن الرجل يدرك طعم العسل الحقيقي ويعرف مذاقه،أم تراه يظن أن العسل كالدبس؟. نعم إنه لا يستطيع أن يقع على الحقيقة، بليظل محجوباً عنها ما لم يذق بذاته طعم العسل ويعاينه بنفسه وكل ما يستطيعأن يدركه من الوصف قبل الذوق والعيان إن هو إلاَّ مجرَّد تصوُّرات وخيالاتوأوهام وإن الظن لا يُغني عن الحق شيئاً وليس الوصف كالمشاهدة، ولا البيانكالعيان.
وهكذا فالذي يسمع عن الله تعالى ما حدَّثته به أمه وأبوه ويسمععن رحمة الله وعدله وقدرته وحكمته ما يقوله الآخرون ولا يتعرَّف هو بذاتهإلى خالقه بإيمانه الذاتي المنبثق عن بحثه للوصول لله تعالى وشهود وجودهوأيّاً من أسمائه تعالى الحسنى، فليس كل ما يسمعه بمغنٍ عنه شيئاً ولابناقل إيَّاه من جو الجهالة والبعد عن الله إلى جو المعرفة والعلم بأسماءالله، ولو أنه صرف العمر كله يسمع من فلان ويجتمع إلى فلان، ويقرأ في كتاب،إذ لا يُغني البيان عن العيان ولا السماع عن الشهود، كما لا يُغني الظنالنقلي عن اليقين الذاتي.
وإذا أنا لم أشاهد صنعة صانع وآثاره ومنتجاتهالفنية فكيف أستطيع أن أحكم في نفسي بمهارته وعظيم مقدرته وعالي مكانته؟. وهل أجد له في نفسي من المنزلة ما يرفعه ويسمو به على غيره، والنفس منقوانينها أنها لا تطمئن إلا إذا واجهت الحقائق وعاينتها بذاتها. وإذا أنالم أجلس منفرداً وحدي متسائلاً في نفسي قائلاً:
من الذي أخرجني إلى هذاالوجود وما كنت قبل حين من الدهر شيئاً مذكوراً؟. من الذي فطر وجهي وصوَّرهوشقَّ سمعه وبصره؟. من الذي جعل في جسدي الشرايين والأوردة وأعصاب الحسوالحركة؟. من الذي جعل القلب مجوَّفاً منقسماً إلى غرف أربع وجعله يتحرَّكمنقبضاً منبسطاً بصورة منظَّمة؟. من الذي جعل الدماغ محفوظاً في تلك العلبةالصلبة القاسية؟. من الذي جعل النطفة في ذلك الماء المهين التي تستقر فيرحم الأم مدة معيَّنة ثم تخرج بعد حين إلى هذا الوجود على هذه الصورةالكاملة؟.
أقول: إذا أنا لم أفكِّر هذا التفكير ولم أُسائل نفسي هذهالأسئلة، فكيف أستطيع أن أعرف خالقي وموجدي؟. إذ لكل وجودٍ موجد.
وإذاأنا لم أفكِّر في سَوْق الغذاء إلى جسمي بنسب معيَّنة إلى كل عضو من الأعضاء عندما كنت في بطن أمي جنيناً، ثم لم أنظر في اللبن الذي كان يُحضَّر لي فترة بعد فترة في ثديي أمي بعد ولادتي فوراً؟. ولم أدقِّق في هذا النظام الكوني القائم الذي يتأمَّن معه نزول رزقي من السماء وخروجه من الأرض وأنا لا أملك لنفسي ضرّاً ولا نفعاً ولا أستطيع لها رزقاً، فكيف أصلإلى معرفة ربِّي الذي أمدَّني ويمدّني بصورة متواصلة؟. وهل تراني أعرف قدرةالقدير إذا أنا لم أفكِّر في هذا الخلق الذي قام عليه جسمي البديع وما هوعليه من تركيب دقيق؟. أم كيف أقدِّر العظمة الإلهية إذا أنا لم أُرجع البصرإلى دوران الأرض وسبحها بنظام مع ملايين الملايين من الكواكب والنجوم فيهذا الفضاء وزنة كل واحد من هذه الأجرام لا يعلمها إلا الموجد الذي أوجدهاوجعل فيها ما جعل من قوى وتأثيرات وإشعاعات؟.
وإذا أنا لم أجعل نظري فيموضع العينين من الجسد وما يحفظهما من أجفان وأهداب ولم أتساءل عن موضع يديَّ في جسدي وما هما عليه من طول وتقسيمات وشكل مناسب يتفق مع ما أقوم به من أعمال مختلفة، فكيف أستطيع أن أدرك حكمة الحكيم وعلم العليم الذي أوجدني وصوَّرني وبرأني على هذا الكمال؟.
وهكذا فأنا في هذا الكون آيةوكم في هذا الكون من آيات تدلُّ كلها على علمٍ وحكمةٍ وقدرةٍ وعظمةٍ،فالجبال في عظمتها وكم هو عظيم من ألبسها تلك العظمة.. تشهد بوجود خالقعظيم وموجد حكيم ورب رحيم وإله مسيِّر قدير لا يستطيع أن يعرفه إلاَّ كلُّذي لب وصاحب تفكير، ولا يخشع له إلاَّ من عرفه وأدرك طرفاً من عظمته. ومنأعرض عن هذا النظر والتفكير فهو بعيد كل البعد عن معرفة ربّه، محجوب عنإدراك عظمته تعالى ورحمته وجميع كمالاته، بل هو إلى الكفر أقرب منهللإيمان:
{وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ، وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ ، وَلاَ الظِّلُّ وَلاَالْحَرُورُ ، وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ…}.
والله تعالى يُري ملكوته كل راغب صادق ويهدي إليه كل طالب منيب. قال تعالى:
{… إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}سورة فاطر: الآية (19-22).
تلك هي طريق الإيمان بالنظر والتفكير بآيات الله وعلى صدقك أيها الإنسان يتوقف دخولك في ميادين المعرفة والإيمان.
{وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}سورةالعنكبوت: الآية (6).
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}سورة العنكبوت: الآية (69).
وهكذا فالذي يسمع عن الله تعالى ما حدَّثته به أمه وأبوه ويسمععن رحمة الله وعدله وقدرته وحكمته ما يقوله الآخرون ولا يتعرَّف هو بذاتهإلى خالقه بإيمانه الذاتي المنبثق عن بحثه للوصول لله تعالى وشهود وجودهوأيّاً من أسمائه تعالى الحسنى، فليس كل ما يسمعه بمغنٍ عنه شيئاً ولابناقل إيَّاه من جو الجهالة والبعد عن الله إلى جو المعرفة والعلم بأسماءالله، ولو أنه صرف العمر كله يسمع من فلان ويجتمع إلى فلان، ويقرأ في كتاب،إذ لا يُغني البيان عن العيان ولا السماع عن الشهود، كما لا يُغني الظنالنقلي عن اليقين الذاتي.
وإذا أنا لم أشاهد صنعة صانع وآثاره ومنتجاتهالفنية فكيف أستطيع أن أحكم في نفسي بمهارته وعظيم مقدرته وعالي مكانته؟. وهل أجد له في نفسي من المنزلة ما يرفعه ويسمو به على غيره، والنفس منقوانينها أنها لا تطمئن إلا إذا واجهت الحقائق وعاينتها بذاتها. وإذا أنالم أجلس منفرداً وحدي متسائلاً في نفسي قائلاً:
من الذي أخرجني إلى هذاالوجود وما كنت قبل حين من الدهر شيئاً مذكوراً؟. من الذي فطر وجهي وصوَّرهوشقَّ سمعه وبصره؟. من الذي جعل في جسدي الشرايين والأوردة وأعصاب الحسوالحركة؟. من الذي جعل القلب مجوَّفاً منقسماً إلى غرف أربع وجعله يتحرَّكمنقبضاً منبسطاً بصورة منظَّمة؟. من الذي جعل الدماغ محفوظاً في تلك العلبةالصلبة القاسية؟. من الذي جعل النطفة في ذلك الماء المهين التي تستقر فيرحم الأم مدة معيَّنة ثم تخرج بعد حين إلى هذا الوجود على هذه الصورةالكاملة؟.
أقول: إذا أنا لم أفكِّر هذا التفكير ولم أُسائل نفسي هذهالأسئلة، فكيف أستطيع أن أعرف خالقي وموجدي؟. إذ لكل وجودٍ موجد.
وإذاأنا لم أفكِّر في سَوْق الغذاء إلى جسمي بنسب معيَّنة إلى كل عضو من الأعضاء عندما كنت في بطن أمي جنيناً، ثم لم أنظر في اللبن الذي كان يُحضَّر لي فترة بعد فترة في ثديي أمي بعد ولادتي فوراً؟. ولم أدقِّق في هذا النظام الكوني القائم الذي يتأمَّن معه نزول رزقي من السماء وخروجه من الأرض وأنا لا أملك لنفسي ضرّاً ولا نفعاً ولا أستطيع لها رزقاً، فكيف أصلإلى معرفة ربِّي الذي أمدَّني ويمدّني بصورة متواصلة؟. وهل تراني أعرف قدرةالقدير إذا أنا لم أفكِّر في هذا الخلق الذي قام عليه جسمي البديع وما هوعليه من تركيب دقيق؟. أم كيف أقدِّر العظمة الإلهية إذا أنا لم أُرجع البصرإلى دوران الأرض وسبحها بنظام مع ملايين الملايين من الكواكب والنجوم فيهذا الفضاء وزنة كل واحد من هذه الأجرام لا يعلمها إلا الموجد الذي أوجدهاوجعل فيها ما جعل من قوى وتأثيرات وإشعاعات؟.
وإذا أنا لم أجعل نظري فيموضع العينين من الجسد وما يحفظهما من أجفان وأهداب ولم أتساءل عن موضع يديَّ في جسدي وما هما عليه من طول وتقسيمات وشكل مناسب يتفق مع ما أقوم به من أعمال مختلفة، فكيف أستطيع أن أدرك حكمة الحكيم وعلم العليم الذي أوجدني وصوَّرني وبرأني على هذا الكمال؟.
وهكذا فأنا في هذا الكون آيةوكم في هذا الكون من آيات تدلُّ كلها على علمٍ وحكمةٍ وقدرةٍ وعظمةٍ،فالجبال في عظمتها وكم هو عظيم من ألبسها تلك العظمة.. تشهد بوجود خالقعظيم وموجد حكيم ورب رحيم وإله مسيِّر قدير لا يستطيع أن يعرفه إلاَّ كلُّذي لب وصاحب تفكير، ولا يخشع له إلاَّ من عرفه وأدرك طرفاً من عظمته. ومنأعرض عن هذا النظر والتفكير فهو بعيد كل البعد عن معرفة ربّه، محجوب عنإدراك عظمته تعالى ورحمته وجميع كمالاته، بل هو إلى الكفر أقرب منهللإيمان:
{وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ، وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ ، وَلاَ الظِّلُّ وَلاَالْحَرُورُ ، وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ…}.
والله تعالى يُري ملكوته كل راغب صادق ويهدي إليه كل طالب منيب. قال تعالى:
{… إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}سورة فاطر: الآية (19-22).
تلك هي طريق الإيمان بالنظر والتفكير بآيات الله وعلى صدقك أيها الإنسان يتوقف دخولك في ميادين المعرفة والإيمان.
{وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}سورةالعنكبوت: الآية (6).
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}سورة العنكبوت: الآية (69).