تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الكذب صفة لا تليق بالمسلم

الكذب صفة لا تليق بالمسلم 2024.


الكذب صفة لا تليق بالمسلم

الكذب نفسه كم درجة؟
لعل أخطر أنواع الكذب من دون استثناء أن تكذب على الله، يقول الله عز وجل:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾
[سورة هود :18]
وفي آية أخرى ربنا سبحانه و تعالى رتّب الذنوب والمعاصي ترتيباً تصاعديًّاً، فذكر الفحشاء والمنكر، وذكر البغي والعدوان، وذكر الشرك، وذكر الكفر، وجعل في رأس هذه الكبائر:
﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة البقرة:169 ]
الإمام الغزالي رحمه الله يقول: "لأن يرتكب العوام الكبائر أهون أن يقولوا على الله ما لا يعلمون"، أول نقطة في هذا الدرس؛ أخطر أنواع الكذب، و أشدّ أنواع الكذب، وأفعلُ أنواع الكذب في صاحبه هو أن تكذب على الله.
مراتب الكذب :
الكذب على الله مراتب، وأشدُّ هذه الأخطاء أن تدّعي النبوة، هناك من ادعى النبوة، مسيلمة الكذاب ادّعى النبوة، قبض على صحابيين قال لأحدهما: أتشهد أني رسول الله؟ قال: ما سمعت شيئاً، فقطع رأسه، وسأل الثاني أتشهد أني رسول الله؟ قال: نعم، قال عليه الصلاة والسلام: "أما الأول فقد أعز دين الله فأعزه الله، وأما الثاني فقد قبِل رخصة الله" ، ما هذا الدين؟ لك أن تأخذ بالرخص، ولك أن تأخذ بالعزائم، و كل شيء له أجر، أما الأول فقد أعز دين الله، وأما الثاني فقد قبِل رخصة الله، إذًا أشد أنواع الكذب أن يدّعي الإنسان النبوة، و قد ادّعاها بعضهم، مع أن النبي عليه الصلاة و السلام قال:
(( عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ قَالَ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي ))
[البخاري عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ]
مقام النبوة مغلق:
﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ*إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة البقرة:168-169]
أهل الذكر :
أخواننا الكرام؛ عوِّد نفسَك أن تقول: لا أعلم، لا أدري، سأسأل، قال تعالى:
﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة النحل:43]
من هم أهل الذكر؟ أهل الوحي، أي أهل القرآن وأهل السنة، الوحي سماه الله في القرآن ذكراً، فالذي فهم كلام الله، و يفهم حديث رسول الله، و يعرف الأحكام الشرعية، هذا من أهل الذكر، فاسألوا أهل الذكر، ليس عاراً أن تقول: لا أدري، العار أن تقول و أنت لا تدري، أنا أقول لكم هذه الكلمة، ليس العار أن تكون جاهلاً، العار أن تبقى جاهلاً، ليس العار أن تخطئ، العار أن تبقى مخطئاً، الإمام أحمد بن حنبل جاءه وفد من المغرب وظل يمشي إلى أن وصل إليه أشهراً عدة، معه ثلاثون سؤالاً، أجاب عن سبعة عشر سؤالاً فلما قيل له: و الباقي؟ قال: لا أدري، قالوا: الإمام أحمد بن حنبل لا يدري!! قال لهم: قولوا لمن بعثهم: الإمام أحمد بن حنبل لا يدري، و أنت في أعلى درجة من درجات العلم تقول: لا أدري، أن تقول على الله ما لا تعلم هذا أكبر ذنب على الإطلاق.
أن تقول على الله ما لا تعلم أكبر ذنب على الإطلاق :
أخواننا الكرام، أرجو أن يتّضح هذا أمامكم، عندك ميزان، الكفة الأولى راجحة مئة غرام، لو استخدمته مليون مرة الوزنات كلها غلط، الخطأ في الميزان لا يُصحّح، أما لو وزنت وزنة وتوهمت أنها كيلو و هي نصف كيلو فهذا خطأ في الوزن، لا يتكرر، مرة واحدة، احفظوا هذه القاعدة: " الخطأ في الوزن لا يتكرر، بينما الخطأ في الميزان لا يُصحح " إن قلت على الله ما لا تعلم فأنت عملت خللاً في ميزان إنسان، لو قلت له فرضاً حديثاً من دون شرح، من دون تعليل، من دون أسباب ورود، من دون رأي العلماء:
((شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي))
[الترمذي عَنْ أَنَسٍ]

والله عمل مريح، افعل الكبائر ما تريد، لأنك إن فعلتها شفع النبيُّ لك، فأن تقول على الله ما لا تعلم هذا ذنب عظيم، مثلاً يقولون: الإنسان إذا حجَّ بيت الله الحرام غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، يأكل المال الحرام، و ينهب الأموال، يعتدي على أعراض الناس، يغش المسلمين، ثم يذهب إلى الحج، ويعود كما أوهمه الجاهلون كيوم ولدته أمُّه، الحقيقة خلاف ذلك، الذنوب التي غفرها الله لك ما كانت بينك و بين الله فقط، أما التي بينك وبين العباد لا تُغفر إلا بالأداء أو المسامحة، قبل أن تقول على الله ما لا تعلم عد للمليون، قبل أن توهم إنساناً أن ذنبه مغفور، قبل أن توهم إنساناً أن القدَر كتبه مع الأشقياء دون أن يدري، و دون أن يعلم، هذا حديث يا أخي، هكذا سمعت، أنت ماذا فعلت في هذا الإنسان؟ حطَّمته، ليس هناك عقيدة تشلُّ بالإنسان كالجبر، انتهى، برق، لِم العمل؟ كل شيء منته قبل أن تولد، لو ارتكب الإنسان الكبائر أهون من أن يقول هذا للناس، مع أن الله يقول:
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾
[ سورة الزلزلة: 7-8 ]
و قال:
﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾
[سورة النساء:77]
و لا قطمير.
﴿ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾
[سورة النساء: 124]
و قال:
﴿ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾
[سورة غافر: 17]
﴿ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾
[ سورة الأنبياء: 47 ]
﴿ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾
[سورة سبأ: 17]

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.