أقسمت أن أنتقم 2024.

بقيت تلك الذكرى المؤلمة عالقة فى ذهنة رغم مرور سنوات عليها لم تمحى أبدا من وجدانه حفرت فى قلبه بحروف من دم ..دم أبيه وأمه وأخته حسناء حدث ذلك فى يوم مثلج مطير كان عائدا من المدرسة يلتفت حوله خوفا من القتلة الأنذال الذين ينتشرون فى شوارع قريته وكان يسير بخطوات مسرعة ليصل إلى منزله ويرتمى فى أحضان أمه ويحتمى فيها من هذا البرد القارس
كان يترنم بأنشودة جميلة علمته إياها أمه ويتخيل وجه شقيقته حسناء جميلة وهى تطالعه بعينيها اللتين تشبهان زرقة السماءوبشرتها التى هى بلون الحليب ولابد أن يسرع فهى بالتأكيد تنتظره ليعلمها كيف ترمى الحجارة بالنبلة إنها تريد أن تصبح مجاهدة !أخيرا اقترب من منزله الحبيب ولكن أين المنزل أين المنزل وسبقت قدماه تفكيره فهرول مسرعا نحو منزله أو ما كان منزله إذ لم يكن هناك سوا أنقاضه! لقد دمر الصهاينة المجرمون البيت ودكوه على أهله!!
وخنقت الدموع صوتهوهو ينادى أبويه وشقيقته وهناك لمحها..كانت راقدة وسط الأنقاض..ببشرتها البيضاء ووجهها الذى يشبه القمر كانت ملطخة بالدماء!! تسارعت دقات قلبه تلاحقت أنفاسه وتزايدت دموعه انهمارا ركض نحوها وحملها بين ذراعيه وانسكبت دموعه عليها وأبصر فى يدها الغضة شيئا مستديرا!كان حجرا صغيرا!أخذه ووضعه فى جيبه ومازال محتفظا به حتى الآن
اجتمع أهل القرية لدفن ضحايا الإجرام الصهيونى كان مشهدا رهيبا..امتزجت فيه دموع العيون الباكية بأنات القلوب المكلومة بينما ارتفعت بعض الحناجر بالتكبير:الله أكبر ..الله أكبر تلاقت النفوس على قسم الانتقام!..
لم يكن وحده ! نعم لم يكن وحده! فقد دمر الصهاينة المجرمون فى هذا اليوم منازل عدة لا يزال يذكر أصدقاءه وجيرانه ويذكر أسماءهم
وهم عامر ومنار وهيفاءوعلى ويزن ..تلاصقوا هم جميعا الصغار مع بعضهم بعضا لعل الدفء يغمرهم وأخذ كل واحد منهم يواسى الآخرين فى محنتهم بالبكاء.
كان كل منهم يحمل ذكرى صغيرة من الأنقاض التى وجدها وهى آخر ذكرى لهم كانت هيفاء تحمل منديلا رقيقا ملطخا بالدماء أما عامر وعلى فقد كان كل منهما يحمل مصحفا صغيرا بينما ما تبقى لمحمد إلا صورة والديه وكل ما استطاعت منار جمعه هى أشلاء دمية أخيها الصغير الذى لم يتعدى العامين!
نظر بعضهم إلى بعض فى حسرة وألم وكانت نظرات كل منهم أبلغ من الكلام كله.
هم جميعا الآن أيتام..مشردون..بلا مأوى..بلا صدر رحب يسعهم..بلا حضن دافىء يجمعهم..هم ضحايا حرب قذرة وعدو مجرم متغطرس.يالهم من بؤساء!!هكذا كانو يفكرون..
مضت على هذه المأساة سنوات عديدة وهاهو الآن يقف أمام قبر حسناء وصوت المؤذن يجلجل عاليا مناديا لصلاة الفجر.سارت دمعة ساخنة على خديه وهو يسترجع صورة حسناء والحجر المستدير الملطخ بدمها الطاهر النقى!
لقد أقسم أن ينتقم لأخته حسناء صار مجاهدا كم كان يتمنى أن تكون معه الآن وقد صار رجلا.مازال يذكر قبلتها الدافئة على خده قبل خروجه إلى المدرسة.رفع رأسه للسماء المليئة بدخان الحرائق..فرأى طيف حسناء كما عهدها رآها بقلبه الذى عاش مخلصا لذكراها وذكرى أبيه وأمه مسح الدموع التى تسابقت على خديه وانطلق ليصلى الفجر واستكمل طريقع للجهاد بعون الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.